مقالات

الدكروري يكتب/ المطلوب من صاحب الأضحية

الحمد لله الذي خلص قلوب عباده المتقين من ظلم الشهوات، وأخلص عقولهم عن ظلم الشبهات أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة، وبراهين عظمته القاهرة، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله، واغترف من بحر جوده وأفضاله، وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات، شهادة تقود قائلها إلى الجنات، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، والمبعوث إلى كافة البريات، بالآيات المعجزات، والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه، وعلى آله الأئمة الهداة، وأصحابه الفضلاء الثقات، وعلى أتباعهم بإحسان، وسلم كثيرا، ثم أما بعد إنه ينبغي لمن أراد أن يضحي أن يطلب الإخلاص، ويبتغي وجه الله تعالى، وهو الذي يلتزم بالإمساك عن الشعر والأظفار، ولا يخرجه من ذلك أن يوكل. 
فإن الذي يلتزم هو صاحب الأضحية الذي دفع ثمنها، هو صاحبها الذي يملكها، التي هي ملكه، ولا يلزم الحكم الأهل، والأولاد، ولا الجزار، ولا الوكيل، وتساق إلى محل ذبحها سوقا جميلا، وهذا من رفق الشريعة، وأن يحد السكين قبل الذبح، ولا يحد السكين أمامها، ولا يذبح شاة أمام أخرى، ويضجع الغنم والبقر على جانبها الأيسر، وأما الإبل فتنحر قائمة على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى لكي تقع إذا نحرت، ويقول تعالى “فإذا وجبت جنوبها” أي طاحت “فكلوا منها” وهكذا يطعم البائس الفقير، ولابد من استقبال القبلة، والتسمية والتكبير، ويستحب أن يذبحها هو، أو يشهد ذبحها، ولا بأس أن يستعين بمن يعينه، وقد جاء عن أبي الخير أن رجلا من الأنصار حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أضجع أضحيته ليذبحها، فقال لرجل “أعني على أضحيتي فأعناه” 
فقال ابن حجر وأعان رجل ابن عمر في بدنته، قال عمرو بن دينار “رأيت ابن عمر ينحر بدنة بمنى وهي باركة معقولة، ورجل يمسك بحبل في رأسها وابن عمر يطعن” والتوكيل بذبحها للموثوقين من الجهات والهيئات لا بأس به، فقال القيرافي رحمه الله “كان الناس يتخيرون لضحاياهم أهل الدين” لأنهم أولى بالتقرب، فإن وكل تارك الصلاة استحب له الإعادة للخلاف في حل ذكاته، ولا يجوز أن يذبحها مشرك، ولا مرتد، ولا كافر من غير أهل الكتاب، والأكل منها سنة، كلوا وتزودوا وادخروا، وهذه الصدقة منها قلت أو كثرت عند الله بمقدار إلى النصف، والهدية من الأضحية مندوبة، وأجرة الجزار من غير الأضحية، فلا يعطيه جزء منها أجرة كما قال الإمام علي “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها، وجلودها، وأجلتها.
وأن لا أعطي الجزار منها، وقال نحن نعطيه من عندنا” وفي رواية لمسلم “ولا يعطى في جزارتها منها شيئا”ولا يباع شيء من الأضحية لئن ما خرج لله لا يجوز أن يعود فيه الإنسان، ومن باع جلد أضحيته فلا أضحية له، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وله أن يبدلها بخير منها إذا أراد قبل ذبحها، والأصل أن التضحية في محل المضحي سواء كان في بلده، أو في موضع السفر، وأن توزع على فقراء البلد المحتاجين قياسا على الزكاة، ويجوز نقلها إذا استغنى أهل بلد المضحي، وكثرت فيه الأضاحي، ولكن أن تنقل الأضاحي من البلد بحيث تختفي السنة منه فلا، بل قد ذكر بعض أهل العلم قتال أهل البلد الذين يمتنعون عن هذه الشعائر جميعا، ولا بأس للمغترب عن أهله، ووطنه أن يوكل في شراءها، وذبحها في بلده، وتوزيعها على أقاربه والمحتاجين من أهل بلده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى