مال و أعمال
أخر الأخبار

رئيس مركز المناخ: الدولة أنقذت المانجو والقمح والزيتون بإجراءات استباقية

قال الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز المناخ بوزارة الزراعة واستصلاح الأرضى، إن التغير المناخى يتسبب فى زيادة ملوحة التربة، لأن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من تبخر المياه، ما يؤثر على إنتاجية وجودة المحاصيل، مؤكدًا أن الإجراءات التى اتخذتها الدولة فى هذا الشأن أنقذت محاصيل المانجو والقمح والزيتون، الأكثر حساسية لتغير المناخ.

وأضاف «فهيم»، أن الإجراءات التى اتخذتها الدولة تضمنت استخدام الرى الحديث بدلًا من الرى بالغمر، وتوعية المزارعين وإرشادهم للموعد الأنسب للزراعة وكيفية التصدى لتغيرات الطقس.

وأوضح أن مركز المناخ فى وزارة الزراعة يهدف إلى رصد وتحليل التغيرات المناخية وتأثيراتها على القطاع الزراعى فى مصر، ويعمل على تطوير استراتيجيات للتكيف مع هذه التغيرات وتخفيف آثارها السلبية على المحاصيل والموارد الطبيعية، مشيرًا إلى أن الأصناف الجديدة التى جرى استنباطها تتميز بالإنتاجية العالية مع استخدام نفس الكمية من المياه.

■ بداية.. ما التغيرات المناخية؟

– التغيرات المناخية تتمثل فى ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الهطول، وزيادة تواتر وشدة الظواهر المناخية القاسية مثل الجفاف والعواصف.

وهذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على المناخ الزراعى فى مصر، لأن الحرارة الشديدة تؤدى إلى تبخر المياه بشكل أسرع، ما يقلل من توافر المياه للتربة والنباتات، وهذا يؤثر سلبًا على نمو المحاصيل ويزيد من حاجة النباتات إلى الماء.

ويتسبب التغير المناخى فى انخفاض الإنتاجية، إذ تشير الدراسات إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يقلل من إنتاجية المحاصيل الأساسية مثل القمح والأرز والذرة. فالحرارة العالية تؤثر على عمليات التمثيل الضوئى والتنفس فى النباتات، ما يؤدى إلى انخفاض فى المحصول.

■ كيف يسهم المركز فى التغلب على تأثيرات تغير المناخ؟

– تغيرات المناخ قضية مستجدة على مستوى العالم، وتؤثر على كل الدول وليس مصر فقط، وبدأ الحديث عن تأثير التغيرات المناخية منذ ما يزيد على ٢٠ عامًا.

بدأ ظهور تأثيرات التغيرات المناخية مع بداية الألفية فى الدول والمناطق التى كانت لا تتأثر بهذه التغيرات، مثل دول أوروبا وأمريكا والصين، وهو ما جعل العالم كله يدرك أن تلك القضية مصيرية.

والتغيرات المناخية تُعد واحدًا من أكبر التحديات التى تواجه البشرية فى القرن الواحد والعشرين، وتُعتبر مصر واحدة من الدول الأكثر عرضة لتلك التغيرات بسبب موقعها الجغرافى وظروفها المناخية الخاصة.

قضايا التغيرات المناخية أصبحت حاليًا أهم من القضايا السياسية، ومصر من الدول التى بدأت التعامل مع هذه القضية بجدية وحسم وسرعة للبحث عن حلول لها.

ورئيس الجمهورية وصف قضية تغيرات المناخ فى كل المؤتمرات التى تخص المناخ بأنها قضية وجودية لأنها تؤثر على حياة الناس.

وقطاع الزراعة فى مصر، الذى يُعتبر عمودًا فقريًا للاقتصاد وأساسًا للأمن الغذائى يتأثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية.

ويلعب مركز المناخ دورًا كبيرًا فى التغلب على التغيرات المناخية، عبر دراسة المشاكل التى تتعلق بالقضايا المناخية وإيجاد حلول سريعة للزراعات، تحميها وتجعلها تتكيف مع الواقع الجديد.

■ هل يمكن التكيف مع التغيرات المناخية وكيف نسعى للتقليل من تأثيراتها؟

– لا توجد دولة على سطح الكرة الأرضية تستطيع التحكم فى التغيرات المناخية، ولكن من السهل التكيف معها والتقليل من تأثيراتها، والمركز يحرص مثلًا على إرسال إنذارات استباقية للفلاح قبل بدء الموجات الحارة، ونرشده إلى الطرق التى يستطيع من خلالها حماية المحصول.

■ ما طبيعة مناخ مصر وكيف يتأثر بارتفاع درجات الحرارة؟

– يعتبر مناخ مصر جزءًا من مناخ منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، وهى من بين أكثر المناطق عرضة لتأثير تغير المناخ، ومع ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، وتضاؤل هطول الأمطار، والزيادة الكبيرة فى درجات الحرارة تصبح الأزمة أكثر وضوحًا على مصر بحكم جغرافيتها ومناخها واعتمادها على الزراعة.

وقد رصد مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة التغير فى المناخ بين عامى ٢٠١٦ و٢٠٢٢، ووجد أن فصل الصيف يمتد الآن إلى معظم العام. ونتيجة لهذا التغير، يتأثر إنتاج المحاصيل الزراعية التى لم تعتد على مثل هذا المناخ.

ويعتبر محصولا الزيتون والمانجو من أكثر المحاصيل عرضة للتغيرات المناخية، وتأثيرات تلك التغيرات خلال الأعوام السابقة تأتى بمثابة تحذير بضرورة أن نأخذ أزمة المناخ على محمل الجد.

■ ما المحاصيل التى تضررت من تغيرات المناخ؟

– تأثرت فاكهة المانجو فى العامين الماضيين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فتراجعت الإنتاجية والجودة، ولكن مع اتخاذ الإجراءات الاستباقية هذا العام استطعنا التكيف مع هذه التغيرات وزيادة الإنتاجية والجودة مرة أخرى.

ومن اللازم زيادة وعى المزارعين بالتغيرات المناخية لتجنب الصدمات.

واستفادت جميع المحاصيل من الإجراءات الاستباقية، وخير مثال دور الدولة فى مواجهة التغيرات المناخية بشأن القمح، المحصول الاستراتيجى.

■ أيهما أكثر صعوبة صيف مبكر أم شتاء مبكر؟

– الأكثر صعوبة هو الربيع المتقلب؛ إذ تعتبر الفصول الانتقالية هى الأصعب، وقد تختفى تلك الفصول فى بعض الأعوام، مثلما حدث عام ٢٠١٩، الذى امتدت فيه حرارة الصيف، ثم دخل الشتاء دون ربيع.

■ هل يعتمد المركز على تقنيات الذكاء الاصطناعى؟

– لا، لكننا نزرع ١٠ ملايين فدان، مع زيادة أعداد الحيازات الزراعية لـ٦ملايين حيازة.

■ كيف نجح المركز فى زيادة إنتاجية بعض المحاصيل بنفس كميات المياه؟

– السبب وراء زيادة الإنتاج بنفس كميات المياه فى الرى هو استنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية، لديها القدرة على تحمل قلة المياه.

وأرى أن تقنيات الذكاء الاصطناعى ضرورية لقدرتها الفعالة على تحقيق الاكتفاء الذاتى، بالاستغناء عن الأساليب القديمة التى لا تستطيع تحقيق العائد الأفضل من المحاصيل.

■ ما مستجدات الاستثمار الزراعى؟

– زادت المساحات الزراعية عن طريق إقامة مشروعات قومية لاستصلاح الأراضى، وأضافت مصر مليونى فدان بداية من ٢٠١٤ حتى عام ٢٠٢٣، وهو ما أدى إلى التوسع فى زراعة المحاصيل المهمة مثل البطاطس.

■ ما الخطط البديلة لمواجهة المشاكل الزراعية؟

– من الخطط التى تم تطبيقها استنباط أصناف عديدة من الذرة والقمح والأرز والصويا وعباد الشمس، وهو ما أدى إلى تقليل الكميات المستوردة من القمح، وتوسعنا فى زراعة الصوب بنحو ٧٠ ألف فدان.

والدولة حاولت زراعة محاصيل داخل الصحراء رغم كل الصعوبات التى تواجهها، ومنها زراعة النخيل، حيث تتوافر أكبر مزارع نخيل فى مصر، بنحو مليونى نخلة، وهو محصول استراتيجى ومهم للعديد من الصناعات الغذائية.

■ ما أسباب انتشار الآفات الزراعية؟

– كانت هناك بعض الآفات الثانوية، قد تحولت إلى رئيسية بسبب تغير المناخ، وتسببت فى العديد من الأضرار للمحاصيل، ويأتى دور المركز فى البحث والتحرى عن أسباب انتشار هذه الآفات والتصدى لمكافحتها بالمركبات المناسبة.

ارتفاع درجة الحرارة يمكن أن يؤدى إلى زيادة فى ضراوة وشدة الآفات والأمراض التى تصيب المحاصيل وتسبب انخفاضًا واضحًا فى الإنتاجية والجودة، ما يضر بالمحاصيل الأساسية مثل القمح وفول الصويا والذرة والخضر والفاكهة الأساسية.

■ زيادة ملوحة التربة من أكثر أضرار التغيرات المناخية.. كيف نتعامل مع هذا الأمر؟

– حينما ترتفع درجات الحرارة تتبخر المياه من التربة، وهو ما يؤدى إلى تركيز الأملاح فى بعض المناطق، واتخذت الدولة العديد من الإجراءات لمواجهة هذه المشكلة، منها رى هذه المناطق بنظام الرى الحديث بدلًا من الرى بالغمر.

فى الماضى كانت التربة تستعيد شبابها بشكل دائم، بسبب الطمى، قبل بناء السد العالى، وبعد بناء السد توقفت هذه التغذية، وهو ما أدى إلى الاعتماد على الأسمدة البلدية وغيرها.

ومع ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع معدلات التبخر وزيادة الملوحة فى التربة، أطلقت الدولة مبادرة مهمة جدًا بخصوص تحديث الرى بالأراضى القديمة، وهى ما تسمى بالأراضى السوداء وعدم اقتصارها على الأراضى الحديثة فقط.

وتحتاج الخريطة الزراعية إلى التكيف مع تغير المناخ، عبر اتخاذ إجراءات لتحسين إدارة الموارد المائية وتطوير تقنيات الرى الحديثة للتعامل مع نقص المياه، والاهتمام بالبحوث الزراعية لتطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة العالية، بما يساعد على التكيف مع تغير المناخ ويحقق الاستدامة الزراعية.

وجرى اتخاذ العديد من الإجراءات والتوسع فى جهود التكيف والتخفيف فى القطاع الزراعى، ومن ضمن آليات التكيف خلق دورة زراعية مغايرة؛ فالفلاح يعلم بطبيعة الحال مواسم زراعة كل محصول، فإذا حدث تغير فى درجات الحرارة فى الوقت المفروض الزراعة به فلا بد له أن يفكر فى دورة زراعية جديدة.

■ ما نصيحتك للفلاح كى يواجه التغيرات المناخية؟

– عليه مراعاة مواعيد الزراعة، وجعلها تتناسب مع التغيرات المناخية.

■ ما المحاصيل الأكثر حساسية للتغيرات المناخية؟

– بعض المحاصيل تكون أكثر حساسية للتغيرات المناخية، على سبيل المثال، محصول القمح يتأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة خلال فترة النضج، ما يؤدى إلى تقليل جودة الحبوب.

■ كيف نعزز البحث والتطوير الزراعى؟

– عبر دعم البحث العلمى لتطوير محاصيل جديدة تكون أكثر مقاومة للحرارة والجفاف والملوحة، وهذه المحاصيل يمكن أن تساعد فى الحفاظ على الإنتاجية الزراعية فى ظل الظروف المناخية المتغيرة.

ومن الضرورى تقديم برامج تدريبية للمزارعين حول أفضل الممارسات الزراعية التى تساعدهم على التكيف مع التغيرات المناخية تشمل هذه الممارسات تحسين تقنيات الرى واختيار الأصناف المقاومة وإدارة التربة.

■ وماذا عن تعزيز الوعى؟

– يمكن ذلك عبر تنظيم حملات توعية حول تأثيرات التغيرات المناخية وأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، هذه الحملات تهدف إلى تغيير سلوكيات الناس وتشجيعهم على المشاركة فى جهود التكيف.

وعلينا العمل مع المنظمات الدولية والدول الأخرى لتبادل الخبرات والتقنيات فى مجال التكيف مع التغيرات المناخية.

والمشاركة فى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ تعزز من قدرة مصر على الحصول على الدعم المالى والتقنى لتنفيذ استراتيجيات التكيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى