مقالات

الدكروري يكتب عن : التكذيب بأصول الإيمان

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، إن المنافق هو الذي يظهر غير ما يبطن، فإن كان الذي يخفيه التكذيب بأصول الإيمان فهو المنافق الخالص وحكمه في الآخرة حكم الكافر وقد يزيد عليه في العذاب لخداعه المؤمنين بما يظهره لهم من الإسلام، وإن كان الذي يخفيه غير الكفر بالله وكتابه ورسوله وإنما هو شيء من المعصية لله فهو الذي فيه شعبة أو أكثر من شعب النفاق، واعلموا يرحمكم الله أن مما يوجب مزيد الخوف من النفاق والحذر من المنافقين أنهم كثيرون، منتشرون في بقاع الأرض. 

كما قال الحسن البصري رحمه الله لولا المنافقون لا استوحشتم في الطرقات، ولا يعني ذلك تعميم الحكم بالنفاق على الأكثرية والأغلبية، فإن النفاق شعب وأنواع، كما أن الكفر شعب وأنواع فكذا من كان متهما بنفاق فهم على أنواع متعددة، كما وضحه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله ولهذا لم يكن المتهمون بالنفاق نوعا واحدا، بل فيهم المنافق المحض، وفيهم من فيه إيمان ونفاق وفيهم من إيمانه غالب وفيه شعبة من النفاق، ولما قوي الإيمان وظهر الإيمان وقوته عام تبوك صاروا يعاتبون من النفاق على ما لم يكن يعاتبون عليه قبل ذلك، وإن من يتأمل حديث القرآن الكريم الكثير والكثيف عن النفاق والمنافقين، يدرك أنه يتناول خطرا ماحقا وضررا مفجعا استحق أمر التحذير منه والتوجيه إلى مواجهته استغراق صفات النفاق آيات كثيرة.

حيث كان الحديث عنهم في القرآن في سبعة عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ذلك قرابة ثلاثمائة وأربعون آية، حتى قال ابن القيم رحمه الله “كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم” وإن الله تبارك وتعالى صنف عباده في أول سورة البقرة إلى مؤمنين وكافرين ومنافقين، وأنزل في ذلك عشرين آية في أول هذه السورة، منها ثلاث آيات في وصف المؤمنين وآيتان في وصف الكافرين، وثلاث عشرة آية في وصف المنافقين، بين فيها أحوالهم وكشف أسرارهم وصور طبائعهم ونفسياتهم وطريقة تفكيرهم ومنطقهم، وقد تحدث القرآن الكريم عن المنافقين في مواضع كثيرة، وفي سور عديدة وأكثر ما تحدث عنهم في سورة التوبة حتى سميت الفاضحة لأنها فضحت المنافقين وكشفت أحوالهم وبينت أسرارهم ودواخلهم وخططهم. 

ثم فرغت سورة بأكملها للمنافقين كشفت أيضا أسرارهم وأساليبهم وبينت شيئا من خططهم سميت سورة المنافقين كل هذا لتحذير المجتمع المسلم من خطر هذا العدو الهدام الذي يحاربهم من داخلهم، ويسعى إلى تدميرهم خلسة وخفية حتى لا تراه الأعين ولكن يجب أن تكتشفه البصائر، إن أهم سمة وأخطر صفة لهذا العدو الهدام المدمر هي صفة الخفاء فهو خلال المجتمع المسلم، داخل خلال المجتمع المسلم، يظهر التعاطف معهم ويخفي كفره وعداوته معه في باطنه، فالمكر والخداع والكذب هي أساليبه وأدواته لكن إذا سنحت الفرصة ووجد ثغرة ينفذ منها لضرب المسلمين فإنه يكون حينئذ أشد قسوة ووحشية ونكاية للمؤمنين من أي عدو مجاهر، وتكمن هذه الخطورة في تلك الصفات الشيطانية التي يتصف بها هذا العدو ومنها إبطان الكفر والتظاهر بالإيمان، وهذه الصفة أصل النفاق في قلوب المنافقين وكل ثمرة بعدها شر وبلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى