مقالات

مواجهة المكائد والتحصين من الفتن .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد كم تجدنا في مجالسنا قد أكثرنا فيها الكلام الباطل الذي لا خير فيه، أو كلاما لا فائدة منه وإن كان مباحا مع أن خطر اللسان عظيم، ولا نجاة من خطره إلا بالصمت، ولو أننا صمتنا لكان الصمت خيرا لنا، ولكن الصمت عبادة لا يلقاها إلا القليل من عباد الله الصالحين، وجاءت نصوص الكتاب والسنة تحثنا على قلة الكلام وعدم الإكثار منه، ومن المعلوم أن الإنسان كثير الكلام كلما كثر كلامه كثر لغطه ولا خير في أكثر الكلام الذي يتكلم به الناس إلا من أمر بصدقة أو مغروف أو إصلاح بين الناس، وانظروا في نجوانا في مجالسنا يكاد الشيطان أن يرفع رايته البيضاء يلقي بيننا وبينه الصلح لأننا لا نجد ولا نترك مسلما إلا نهشنا لحمه.

وكسرنا عظمه كأن بيننا وبين المسلمين عداوة ولما غلى اللحم عند الجزار أصبح المسلم يأكل لحم أخيه المسلم بالليل والنهار، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثر كلامه كثر سقطه، ولذلك قال عبد الله بن طاوس رحمه الله كان طاوس بن كيسان رحمه الله يتعذر من طول السكوت ويقول إني جرّبت لساني فوجدته لئيما” وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “أنذرتكم فضول الكلام، بحسب أحدكم ما بلغ حاجته” وقال مالك بن دينار رحمه الله “لو كُلف الناس الصحف لأقلوا المنطق، وأن الإنسان ينبغي له أن لا يخرج من كلامه إلا ما يحتاج إليه، كما أنه لا ينفق من كسبه إلا ما يحتاج إليه وقال لو كنتم تشترون الكاغد وهو الورق الذي يُكتب فيه للحفظة لسكتم عن كثير من الكلام، وعن إبراهيم بن عبد العزيز التيمي قال المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر.

فإن كان كلامه له تكلم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا، ومعني رسلا أي ليّنا مسترخيا لا تؤدة فيه، ويقول أبو حاتم”لسان العاقل يكون وراء قلبه، فإذا أراد القول رجع إلى القلب، فإن كان له قال، وإلا فلا، والجاهل قلبه في طرف لسانه ما أتى على لسانه تكلم به، وما عقل دينه من لم يحفظ لسانه” فإن استوى عندك الوجهان في الكلام ولم تدرِ أفي الكلام خير أم لا؟ فأمسك عن الكلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من صمت نجا” ومن أسباب التثبيت في الفتن هو إصلاح النفس وتزكيتها بالطاعة والعبادة، حيث قال تعالى ” ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” العبادة في الهرج كهجرة إلي ” رواه مسلم، والأعمال الصالحة مصادّ للفتن ووقاية منها، وبها يدخر المسلم رصيدا من الخير في الرخاء.

فإذا ما نزلت الفتن كانت النجاة بفضل الله ، ويوضح هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا ” رواه مسلم، وعذا نبي الله يوسف عليه السلام نجّاه الله من الفتن بالإخلاص، حيث قال تعالى ” كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين” وأهل الكهف نجاهم الله وحماهم حين لجؤوا إليه سبحانه فقالوا ” ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا” اسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره، وحسن عبادته إنه سميع مجيب، اللهم أيقضنا من رقدة الغافلين، وأغثنا بالإيمان واليقين واجعلنا من عبادك الصالحين وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى