مقالات

الدكرورى يكتب/ الأصل في الزواج

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد أيها الأزواج إن هناك حقوق عظيمة فرضها الله تعالي عليكم، ولا يقوم بها ولا يرعاها إلا زوج يخاف الله ويتقيه ويعلم علم اليقين أنه محاسبه ومجازيه وهذه الحقوق إذا قام الأزواج بها على وجهها كانت السعادة وحصلت الطمأنينة وشعرت المرأة بفضل زوجها عليها وأنه مؤمن بالله تعالي، قائم لله بحقه وحقوق عباده، وإذا رأت المرأة من زوجها الإستهتار والإستخفاف بحقوقها، تنكد عيشها وتنغصت حياتها. 

حتى ربما أنها لا تستطيع أن تقوم بعبادتها على وجهها لما ينتابها من الوساوس والخطرات وبما تشعر به من الذل والإضطهاد والأذية ولذلك قال العلماء إن إضاعة حقوق الزوجات أعظم من إضاعة حقوق الأزواج، فظلم النساء في حقوقهن عظيم، والمرأة إذا ظُلمت ضاقت عليها الأرض بما رحبت، فلا مفر لها إلى الله تعالي، وشكواها إلى الله عز وجل، وتبث حزنها إلى الله سبحانه، وكفى بالله وليا، وكفى بالله نصيرا، وويل لمن كان الله خصمه يوم القيامة، ولذلك أنزل الله في كتابه آية المجادلة، وأخبر أنه سمع شكوى المرأة من فوق سبع سماوات، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها ” إني لمن وراء الستر يخفى علي بعض كلامها وهي تقول إلى الله أشكو ثعلبة، إلى الله أشكو ثعلبة، قالت فسمعها الله من فوق سبع سماوات. 

فسبحان من وسع سمعه الأصوات وسبحان من يغيث اللهفات، هذه الحقوق التي فرض الله على الأزواج تنزلت من أجلها الآيات، إن الأصل في الزواج هو بناء حياة سعيدة مستقرة مفعمة بالحب مزدانة بالتفاهم، فتصبح الأسرة التي خرجت من بذرتين اتحدتا نبتة شامخة بسوقها مورقة بأوراقها مزهرة بزهرها وبتشابك أغصان تلك الشجرة المباركة يظهر فيء بارد جميل يتخلله بصيص من ضوء الشمس، فتغدو لوحة مبدعة، وإن حال تلك الشجرة بتشابك أغصانها حال تلاحم أفراد الأسرة بدءا من الزوج والزوجة وانتهاء بالأبناء إخوة وأخوات، وهذا هو الأصل في الزواج، وفي الماضي كان المجتمع كله يغرد كعصافير الدوري فرحا مستبشرا بخطبة فلان وفلانة وزواج فلان وفلانة، وبمثل هذا الإنبساط والسرور يحدث الضيق. 

وتظهر الهموم بطلاق فلان وفلانة من الناس حتى ولو لم يكن هناك معرفة بهما، فالطلاق الواحد كان يربك عددا كثيرا من الأسر، وتزداد حالة الهم والمشاركة الوجدانية إذا خلف ذلك الزواج المنهار أولادا، وإن الطلاق طاعة للشيطان فهو يفرح أشد الفرح بفراق الزوجين، ففي صحيح الإمام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال فيدينه منه ويقول نعم، أنت” ومع هذا فقد أباحت الشريعة الإسلامية الطلاق إذا ساءت العشرة بين الزوجين، وفقدت المودة والمحبة، وكثر الشقاق والخلاف، وصعب التفاهم والتلاؤم، عندها يكون الطلاق بعد قناعة وتأني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى