مقالات

الدكرورى يكتب: الصلاح ومفاتيح رحمة الله تعالي

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد، إن من مفاتيح رحمة الله تعالي هو الصلاح، وإن الرسل وأتباعهم الى يوم القيامة هم الذين بصلاحهم وإصلاحهم يستحقون أن يدخلهم الله في رحمته، والصالحون هم الذين يبنون لا يهدمون هم ينفقون ولا يبخلون يصلحون في الأرض لا يفسدونها، وكما أن من مفاتيح رحمة الله تعالي هو اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه، فكم من رحمة ظاهرة أو باطنة كانت بسبب الدعاء، ألا ترى أن الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن تبعهم في أحلك الظروف وأصعبها لجأوا إلى الله بالدعاء. 

حتى تنزلت عليهم الرحمة، كما أن الدعاء سبيل إلى رحمة الله عز وجل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة” وكما أن من مفاتيح رحمة الله تعالي هو الإنفاق في سبيل الله، وإن الإنسان جُبل على الإمساك لكن المؤمن الذي يرجو ما عند الله ينفق ولا يخشى الفقر لأنه يرجو ما وعد الله به عباده من فضل ورحمة، وإن تفطير الصائمين هو حصاد مضاعف لمن أسهم فيها بسهمه مخلصا لوجه ربه وكأنك تصوم في يومك مرتين بقليل من الزاد الطيب تستظل أنت بظلال هذه الحديقة الغناء، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا” رواه الترمذي. 

واليوم بفضل من الله تعالى تقوم جهات الخير في كل بقاع الأرض بتسهيل هذه العبادة حيث تدلك على المشاركة فيها بيسير من الطرق والوسائل وبقليل من المال وما ذاك إلا رحمة من الله بالمحتاجين، ومضاعفة لأجر المحسنين، ولعلك شاهدت مرّة بعينيك منظر التفطير هذا حيث تمتد مائدة الخير والكرم في ساحات بيوت الله، وقد التف على جوانبها الفقراء من الجاليات المسلمة وغيرهم، في ود وحب وفرح وتفيض مشاعرك إيمانا حينما ترى الأغنياء والموسرين يقومون على خدمة هؤلاء الغرباء والمساكين يباشرونهم بالماء البارد وبلقيمات دافئة وبأشكال من الحلوى تزيد حلاوتها بإبتساماتهم المملوءة إخاء وحنانا أي جو إيماني هذا الذي يوقفك معتزا بدينك الذي يجعل الغني يسعى لرسم الإبتسامة على الفقير، بل ويبحث عنه ويعطيه حتى يرضيه.

فيا أخي الكريم إذا أكرمك الله تعالى فمددت يد التيسير لأخيك في مال احتاج إليه، فلا تنغص عطيتك المباركة بالتضييق عليه في رد مالك، بل يسّر عليه وافسح له في وقته ولا تلحق سخاءك بالمن أو كثرة الإلحاح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول “من يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة” متفق عليه، ولتزين حديقة إحسانك هذه بأن تضع شيئا من المال فتسقطه عن هذا المعسر، فتكون بذلك قد أنعمت فأكثرت الإنعام على نفسك أولا بالأجر، ثم عليه بالتخفيف من الدين، وما أكثر ما نبحث عن السعادة في الدنيا، غير أننا قد نخطأ طريقها أو نتوهم وجودها في مثل هذه السبل الربانية، فلنملأ قلوبنا يقينا بوعود الله تعالي لنا في كتابه وعلى لسان رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم لنسعد بها حقيقة في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى