مقالات

 الدكـــروري يكتب: الله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن

  

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد لا شك أن المسلم يؤمن بأن سعادته في كلتا حياتيه الأولى والثانية موقوفة على مدى تأديب نفسه وتطييبها وتزكيتها وتطهيرها، كما أن شقاءها منوط بفسادها وخبثها، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “كلكم يدخل الجنة إلا من أبى” قالوا ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال “من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى” رواه البخاري.

وقوله صلى الله عليه وسلم “كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها” رواه مسلم، كما يؤمن المسلم بأن ما تطهر به النفس وتزكو هو حسنة الإيمان ، والعمل الصالح، وأن ما تتدسى به وتخبث، وتفسد هو سيئة الكفر والمعاصي، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كان نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه” رواه النسائي والترمذي، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “اتقي الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن” رواه أحمد، ومن أجل ذلك يعيش المسلم عاملا دائما على تأديب نفسه وتزكيتها، وتطهيرها إذ هي أولى من يؤدب فيأخذ بالآداب المزكية لها، والمطهرة لإرادتها.

كما يجنبها كل ما يدسيها ويفسدها من سيء المعتقدات وفاسد الأقوال والأفعال أن يجاهدها ليل نهار ويحاسبها في كل ساعة يحملها على فعل الخيرات ويدفعها إلى الطاعة دفعا، كما يصرفها عن الشر والفساد صرفا ويردها عنهما ردا ويتبع في إصلاحها وتأديبها لتطهر وتزكو بالتوبة، وبآداب مراقبة النفس، وبأداب محاسبة النفس، وآداب مجاهدة النفس، ولقد أمرنا الله عز وجل بالتوبة والرجوع إلي الله عز وجل وإن التوبة المراد منها هو التخلي عن سائر الذنوب والمعاصي والندم على كل ذنب سالف والعزم على عدم العودة إلى الذنب في مقبل العمر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة” رواه مسلم. 

وقوله صلى الله عليه وسلم ” إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها” رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم ” من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه” رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم “‏لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوّية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فإستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال‏‏ أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فإستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده‏” متفق عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى