مقالات

تقليد أهل السوء والإنحراف .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، يروى أن امرأة صالحة من صالحي السلف يقال لها عجرة، مكفوفة البصر كانت إذا جاء السحر نادت بصوت لها محزون إليك قطع العابدون دجى الليالي يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك فبك يا إلهي أسألك لا بغيرك أن تجعلني في أول زمرة السابقين وأن ترفعني لديك في عليين، في درجة المقربين وأن تلحقني بعبادك الصالحين فأنت أرحم الراحمين وأعظم العظماء وأكرم الكرماء يا كريم ثم تخر ساجدة ولا تزال تدعو وتبكي إلى الفجر.

وإن من الظواهر اللافتة التي أصبحنا نراها اليوم في مجتمعاتنا المسلمة ظاهرة تساقط الشباب وانحرافهم، وكثرة الانتكاسات التي تحدث في صفوفهم، وانتشار مظاهر الانحراف بشكل واضح للعيان، فكم من شاب كنا نراه ملتزما مصليا خلوقا مع أهله ومع الناس من حوله ثم إذا به أصبح قاطعا للصلاة، مرتكبا للفواحش، مجاهرا بالسوء، سيء الأخلاق مع أهله ومع الناس، وكم من فتى كان في صغره خلوقا فاضلا فلما شب وكبُر سنه انتفش وانتكس، وقام بتقليد أهل السوء والإنحراف، وأصبح واحدا منهم إن لم يكن تجاوزهم أو أصبح من كبرائهم، وكم من أولاد يأتي أهلهم يشكون منهم، ويجأرون إلى الله من سوء تصرفاتهم وقبح أفعالهم، وقد كانوا يتوسمون فيهم الخير، ويرونهم من خيرة أولادهم وأفاضل شبابهم.

وإن هذا كله يستدعي منا الوقوف مع هذه الظاهرة، وماهي أسباب إنتشارها في مجتمعاتنا المسلمة؟ ولماذا وقع كل هذا الانحراف الهائل في وقت قياسي؟ وما هي السبل لمعالجة هذه الظاهرة وهذا التفلت؟ الشباب هم ركن المجتمع، وركيزته القوية، وعمدته الأساسية، وبوابته الرسمية، ولا خير في مجتمع انحرف شبابه، ولا مستقبلا يرجى إذا ضاع الشباب وانحرفوا، وما قام الدين ولا انتشر الخير وانتصر المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره من العهود الإسلامية الناصعة إلا بتضحيات الشباب وانتصاراتهم، ومواقفهم التي أعلى الله بها منار الدين، وفتح بها بلدان العالمين رغم الفقر والقلة والضعف، وإن من أعظم الأسباب التي أدت إلى ذلك هو التخلي عن تربية الطفل والإهتمام به إذا شب وكبر

حيث يظن كثير من الأهالي أن ابنهم إذا كبر أصبح قادرا على تسيير نفسه، وأنه في مأمن من الوقوع في الإنحراف والسوء، ولهذا يتركون له الحبل على الغارب، ويظهرون له اللامبالاة، وهو في الحقيقة لازال بأمس الحاجة إلى النصح والتوجيه والتربية، فحينما يفتقدها من أهله ويشعر أنهم لم يعد يعتنون به ويوجهونه كما كانوا يقع في الانحراف، ويحصل منه الانفلات والوقوع في المهاوي والرذائل، لذا يجب الإنتباه لهذا الأمر، وأن يعلم الأب والمربي أنه مسؤول عن أبنائه في مختلف مراحل حياتهم، وأن لايتخلى عنهم يوما من الدهر بحجة أو بأخرى، فإن التربية مشوار طويل ومنهج متكامل يحتاج له الإنسان في عمره كله، وخاصة قبل سن الأربعين وهو ما يسمى بسن الرشد والاكتمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى