مقالات

خبيئة شيطانية دفينة في قلب صاحبها .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد إن الإنحراف أشكال وأنواع وصور عديدة، من أهمها هو الإنحراف العقدي، والإنحراف الفكري، والإنحراف الأخلاقي، وعادة ما تكون بداية الإنحراف بالنوع الثالث وهو الإنحراف الأخلاقي، فيكون المرء تقيا صالحا مستقيما، فتعن له شهوة، فلا يتمالك نفسه فيقع فيها، فتكون هذه بداية فتنته وإنحرافه، ثم تتوالى بعده الأنواع الأخرى من الإنحراف.

ولعل أبرز مثال على ذلك ما وقع لليهود فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” مسلم، وما زالوا ينحدرون من لون من الإنحراف إلى الآخر حتى عبدوا العجل من دون الله والعياذ بالله، ولو إقتصر الأمر بالمنحرف على الإنحراف الأخلاقي وحده، لكنا نرجو له الإنابة السريعة والتوبة الناجزة النصوح، فقد كانت معصية أبينا آدم لشهوة، فكانت بعدها التوبة، لكن الحال أن من سقط في الإنحراف الأخلاقي وتوغل فيه ولم يرجع فإنه سرعان ما يقع في الوحل النتن لأنواع أخطر من الإنحراف منها الإنحراف الفكري فتنقلب عنده الموازين، وتختلط عليه المقاييس فلا يدري بما يزن الحق والباطل ولا علام يقيسه. 

أبميزان الشرع أم أن غيره عنده أولى فلا يعرف الصواب من الخطأ فيضل عن منهج الله تعالي إلى العفن مما سواه، ولا يلبث أن يغرق في الإنحراف العقدي، فتتسخ عقيدته وتتلون وتتبدل، فيصير المقدس عنده هو رأيه، والمتبع عنده هو هواه، والمصدق عنده هو عقله، يستهويه الشيطان من طين إلى وحل حتى يركسه نعوذ بالله من الخذلان، ولا شيء يأتي من فراغ، بل لكل مصيبة تحل بإنسان أسبابها حيث يقول الله تعالي ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ” وإن لهذه الظاهرة وهي ظاهرة الإنحراف خاصة عند الشباب، أسباب كثيرة، لعل أخطرها وأهمها هو خبيئة شيطانية دفينة في قلب صاحبها، فما كان مخلصا حين إستقام، فعمله عمل الصالحين وقلبه قلب الطالحين، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال.

“إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وإنه لمن أهل النار” متفق عليه، وفي رواية للبخاري زاد “وإنما الأعمال بالخواتيم” وكما أيضا من أسبابها هو شهوات ونزوات تغلبت عليه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال “حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات” مسلم، وإتباع الشهوات والسقوط في المعاصي والذنوب بسببها عامل من عوامل الهلاك والإنحراف مهما كانت تلك الذنوب صغيرة في عيني فاعلها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه” 

وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق، فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادا، فأججوا نارا، وأنضجوا ما قذفوا فيها” رواه أحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى