مقالات

الدكـــروري يكتب/ عليكم بصاحب المسك

 

الحمد لله الذي اكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وجعل امتنا وله الحمد خير أمه وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا وعلمنا الكتاب والحكمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبدة ورسوله أرسله للعالمين رحمة وخصه بجوامع الكلم فربما جمع أشتات الحكم والعلم في كلمة أو شطر كلمة صلى الله علية وعلى أله وأصحابه صلاه تكون لنا نورا من كل ظلمة وسلم تسليما، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل واتقوا يوما الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل ثم أما بعد إن الشخص يبدأ في الشيخوخة عندما يعجز عن إكتساب أصدقاء جدد، لأن مداومة الإختلاط بالناس دليل على الإستعداد للتطور وإستيعاب الأفكار الجديدة، والحيوية، وحب الحياة.

فإنك إذا اكتفيت بصلتك بأصدقائك القدامى وزملاء العمل الذين اطلعت على جميع أفكارهم وآرائهم، توقف تطورك الذهني، وحيل بينك وبين نواحي التجدد التي تطرد السأم والملل، وخير الأصدقاء الذي لا تتغير طباعه مع مرور الوقت، وتدوم صداقاتهم سنين طوال، يحافظون عليها مهما اختلفت وجهات النظر، ومهما إحتدت المناقشات الجارية بينهم، فإنهم سرعان ما يبتسمون ليعودوا إلى الصداقة التاريخية التي دامت عقودا، قال مصطفى أمين خير الأصدقاء من لا يتلون إذا تغير الزمان، لكن هذا في الناس عزيز، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم “أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما ” رواه الترمذي.

أي أحببه حبا قليلا مقتصدا لا إفراط ولا تفريط فيه فإنه عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا مّا” فإنه عسى أن يكون حبيبك يوما مّا، أي ربما إنقلب ذلك بتغيير الزمان والأحوال بغضا فلا تكون قد أسرفت في حبه فتندم عليه إذا أبغضته، أو حبا فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحي منه إذا أحببته، وقال ابن العربي معناه أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضا وعكسه، فإذا أمكنته من نفسك حال الحب ثم عاد بغيضا كان لمعالم مضارك أجدر لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار، وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه “لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا” وهذه حقيقة مهمة في الحياة لأن الناس ليسوا جدرانا، أو أحجارا.

بل هم بشر، تؤثر فيهم المؤثرات الإجتماعية، فمن كان منهم جيدا الآن فلا يعني أنه سيبقى كذلك إلى الأبد، ومن كان رديئا فلا يعني أنه سيبقى كذلك، إلى الأبد، فلا ينبغي أن تكون الصداقة مطلقة، وبلا حدود بل يجب أن تكون مسيجة بحدودها المعقولة، ومحدودة بمقاييسها الإنسانية، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة” رواه البخاري، وإن صديقات السوء عندما تقعين في مشكلة أو تحل بك مصيبة فإنهم يتخلون عنك ويبحثون عن غيرك وإذا كنت لا تريدين الوقوع معهم في الحرام فإنهم يستميتون من أجل إيقاعك معهم في المعصية ويزينوها لك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى