عصابات اليهود في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني (1920-1948) لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الكيان الصهيوني وتأسيس دولة إسرائيل. هذه العصابات نشأت في إطار الحركة الصهيونية التي سعت إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين. مع تصاعد الهجرة اليهودية إلى فلسطين واشتداد الصراع مع السكان العرب الفلسطينيين، تشكلت عدة منظمات عسكرية يهودية كانت تهدف إلى تحقيق السيطرة على الأرض والمجتمع.
أهم العصابات اليهودية:
1. الهاجاناه (Haganah):
تأسست الهاجاناه في عام 1920 كذراع عسكري للدفاع عن المستوطنات اليهودية. ورغم أنها بدأت كمنظمة دفاعية، فإنها تطورت لتصبح واحدة من أقوى المنظمات العسكرية اليهودية. لعبت الهاجاناه دورًا رئيسيًا في حروب العصابات والمواجهات مع القوات البريطانية والعربية على حد سواء. ومن بين أبرز عملياتها هو “التطهير العرقي” الذي حدث خلال حرب 1948 حيث طرد العديد من الفلسطينيين من قراهم ومدنهم.
2. الإرجون (Irgun):
هي منظمة صهيونية عسكرية تأسست في عام 1931 كجناح متشدد من الهاجاناه. اتسمت الإرجون باستخدام القوة بشكل أكثر عدوانية وعلني في مواجهة كل من العرب والبريطانيين. واحدة من أشهر العمليات التي نفذتها الإرجون كانت تفجير فندق الملك داوود في القدس عام 1946، الذي أسفر عن مقتل 91 شخصًا، بينهم بريطانيون وعرب ويهود.
3. شتيرن (Lehi):
وتُعرف أيضًا باسم عصابة شتيرن، كانت مجموعة صهيونية متطرفة انفصلت عن الإرجون في عام 1940. هدفت شتيرن إلى تحقيق دولة يهودية كاملة في فلسطين، وكانت على استعداد للتعاون مع أي طرف، بما في ذلك ألمانيا النازية، لتحقيق هذا الهدف. كانت شتيرن مسؤولة عن اغتيال شخصيات بريطانية بارزة، بما في ذلك الوزير البريطاني في الشرق الأوسط اللورد موين في القاهرة عام 1944.
أدوار هذه العصابات:
تتعاون هذه العصابات في بعض الأحيان فيما بينها، وأحيانًا تختلف في تكتيكاتها وأهدافها. بعد انتهاء الانتداب البريطاني وإعلان قيام دولة إسرائيل في 1948، تم دمج معظم هذه العصابات في الجيش الإسرائيلي الذي تشكل حديثًا.
تأثرت هذه العصابات بالعقيدة الصهيونية التي تنادي بإقامة دولة يهودية خالصة في فلسطين، ما دفعها لتنفيذ عمليات واسعة ضد الفلسطينيين والعرب بهدف تهجيرهم. العمليات العسكرية التي قامت بها كانت جزءًا من خطة منظمة لطرد السكان الأصليين والسيطرة على المزيد من الأراضي.
التأثير على الصراع العربي الإسرائيلي:
العمليات التي قامت بها عصابات اليهود أسهمت في تعزيز التوترات بين العرب واليهود في فلسطين، وأدت إلى زيادة المواجهات المسلحة التي انتهت بإعلان قيام دولة إسرائيل. ونتيجة لهذه الأعمال، نزح ملايين الفلسطينيين من بيوتهم وقراهم فيما يعرف بالنكبة.
خلاصة القول، كانت عصابات اليهود جزءًا أساسيًا من المشروع الصهيوني الذي أسس لدولة إسرائيل على حساب السكان الفلسطينيين، وأعمالها العنيفة والتخريبية كانت أحد المحاور الرئيسية في تعقيد الصراع العربي الإسرائيلي المستمر حتى اليوم.
