مقالات

الصداقة الصالحة ومنزلتها في الإسلام .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما، ” وإنك لعلي خلق عظيم” إن الصداقة الروحية تفتقر لأصول ستة حتى تتوطد و ترسخ، فالأول هو الثقة فصداقة لا تقوم على ثقة أحد الصديقين بالآخر صداقة داخلها ما يقضي عليها بالفساد من أول طريقها ولا تسمى صداقة في عالم الصداقة الحقيقي وإن ألبست ثوبها، وأدنى شك بين صديقين هو بداية الإنهيار، وأما عن الأصل الثاني من أصول الصداقة الروحية فهو الإحترام ، فمتى لم يقم بين الصديقين أصل الإحترام والتقدير، في الغياب والحضور كان إتلاف الصداقة حتمي ولو تواصلت الأجساد وتلاقت. 

فإن الأرواح في معزل وفي إنعزالها هزالها والهزال زوال، فلا تعني الصداقة مجاوزة حدود الأدب والإحترام بل تزيد منه لاعتبار الكينونة الإتحادية بين الصديقين وإعتبار الصداقة شيئا يلغي هذا الأصل فهو فهم مغلوط عند نبلاء الأصدقاء، وأما عن الأصل الثالث من أصول الصداقة الروحية هو التسامح واللين والمرونة توابع لذلك وأساس في الصداقة فلا غلظة ولا اشتداد كما أنه ليس تدقيقا وحسابا كذلك تلمس العذر بين الأصدقاء في حالات الخطأ من أفعال الشرفاء من الناس في صداقاتهم فهو صداق الصداقة ومن لم يكن عاذرا كان غادرا وأما عن الأصل الرابع من أصول الصداقة الروحية هو التشجيع، فالصديق بصديقه فإن لم يكن رافعا إياه في مراقي الكمالات بقي في محال الحالات لا يجاوزها فيكون معوانا مقوما داعما.

والتخاذل في الدعم للصديق خيانة لإعتبار روحية الصداقة ، فإن لم يكن الصديق هنا فلا يراد في غيره، وأما عن الأصل الخامس من أصول الصداقة الروحية وهو المشاركة في الأحاسيس فهذه تتحقق تماما عند اتفاق الروحين، وإتحادهما في لباب الصداقة فحديث الأرواح يسري سريانا لا تدركه قوانين الجسد ولا براهين العلم وتدركه القلوب وتحكي العين ولا تكذب جوارح الروح ومتى غابت الأحاسيس تبادلا فإن هناك خللا في أحد الطرفين، فليدرك، وأما عن الأصل السادس من أصول الصداقة الروحية هو المحبة لا حديث هنا، فيكفي أن المحبة أصل يجمع شتاتا في الصداقة، وبدون هذه الأصول الستة يكون فيها نوع من الخلل، ومتى طرأ الخلل في طرف من الصداقة تأثر الطرف الآخر تلقائيا لأن العلاقة روحية، والأرواح لها لغتها الخاصة في التخاطب

هكذا الصديق فإن كان ثم وإلا فلا يكن بل لا يكون لأن الصداقةَ من جذر الصدق، والصدق لا يقبل الدعاوي والأفعال براهينه والحقائق مضامينه، فالصداقه كلمة سهلة الكتابه وسهلة النطق ولكنها صعبة، والصداقة معادلة صعبة ولكن يمكن تحقيقها، وتحقيق الصداقة مرتبط بأطراف هذه الصداقة فهم بعد الله من يستطيع تحقيق معنى الصداقة، والصداقة الدائمة المستمدة قوتها من أطرافها وتضحياتهم ومحبتهم، وقد تسمى الصداقة للأبد أو الصداقة التي تستمر بشروق الشمس كل صباح، وكما إن للصداقة قواعد وأسس منها الصدق والأمانة والحب الطاهر النقي في الله عز وجل وهو حب يغمرالصديقين وحب ينبع من قلب طاهر يبعد الصداقة عن كل مايعكرها ويشوهها وحب يستمر حتى بعد الموت، لينعم الصديقان بظل عرش الرحمان عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى