مقالات

الزهرة العناق تكتب/ ضريبة الطفولة

 

تفرض على الطفولة البريئة ضريبة لا ترحم، ضريبة خفية تُستقطع من أعمار الصغار وهم يسيرون في دروب الحياة بخطواتهم المرتعشة، لا يدركون أنهم يدفعون أثمان الأحلام الضائعة، والوعود التي لم تنجز، والآمال التي تتبخر كفقاعات الصابون في الهواء.

في لحظات نادرة، يسرق أحدهم لحظة فرح من كف الزمن، لكن هذا الفرح لا يدوم، إذ تعود الدنيا لتسرق منه ابتسامته، وتثقل كاهله بتجارب مبكرة، يستنزف بها ضوء عينيه قبل أن يدرك جمال الأشياء من حوله. وما أشدها من قسوة حين يقذف بطفل في زوايا الحياة المظلمة، ويجبر على مواجهة عواصف لم تكن معدة لضعف أكتافه.

تمر الأيام وهو ينسى ملامح العرائس التي كانت تسكن خياله، وتختفي تلك الألعاب التي كانت تملأ قلبه بهجة، ليصبح فجأة ناضجا قبل الأوان، يحمل بين ضلوعه قلبا مثقلا بحِمل السنوات، وفكرا تخدشه أسئلة أكبر من حجم عقله.

أين ذهبت البراءة، ومن الذي اغتصب تلك الضحكات؟ وكيف لتلك العيون الصغيرة أن تحارب اليأس الذي تسلل إليها عبر شقوق الجدران؟

نعم، إنها ضريبة الطفولة البريئة، ضريبة تقتطع بلا إنذار، تسلب خلالها حلاوة الأحلام، ودفء الأمان، فتترك الصغير كعصفور أضاع عشه، يحلق بين غيوم لا تنبت أمطارها إلا ملحا على جرحه.

ولكن، رغم كل ذلك، يظل في أعماق هذا القلب الصغير بذرة نور، تنتظر من يرويها بحب وحنان، لتعيد للطفولة حقها المسلوب، و تعيد البسمة إلى وجه غمرته الدموع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى