مقالات

مدى جواز الاثبات بشهادة الشهود.

تعددت أدلة الإثبات في القانون ومنها الإثبات بالكتابة وشهادة الشهود واليمين والإقرار واستجواب الخصوم والقرائن وحجية الأمر المقضي به والعرف والدليل الرقمي فيما يتعلق بالقضايا المدنية والتجارية.
والمقصود بالأدلة المؤيدة أو الإثبات، هي دليل يميل إلى دعم اقتراح مدعوم بالفعل ببعض الأدلة الأولية، وبالتالي تأكيد الاقتراح. مثال، يشهد الشاهد (و) أنه رأى (س) يقود مركبته نحو سيارة خضراء.
ورغم تعدد الأدلة إلا أن القانون جعل لها ترتيب في الأخذ بها فاشترط أن لا يكون الإثبات بشهادة الشهود في الأحوال التي استلزم القانون فيها الإثبات بالكتابة وفق تأصيل المادة 61من قانون الإثبات أنه “لا يجوز الاثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي”.
ويجوز في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة أن يحل محلها الإقرار القضائي، أو اليمين الحاسمة، أو مبدأ الثبوت بالكتابة المعزز بطريق إثبات آخر؛ وذلك فيما لم يرد فيه نص في هذا النظام. ومبدأ الثبوت بالكتابة هو: كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال.
وفي الإثبات بشهادة الشهود نصت المادة 71مدني”يجب أن يبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات بشهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلا, ويبين كذلك في الحكم اليوم الذي يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه. ونصت المادة (72) مدني”يكون التحقيق أمام المحكمة ويجوز لها – عند الاقتضاء – أن تندب أحد قضاتها لإجرائه.
وعليه فإن المسائل التي ثبتت بالكتابة أو التي لا يمكن إثباتها إلا بالكتابة لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود.
والأصل أنه لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة، ولكن ليس للقاضي من تلقاء نفسه رفض الإثبات بالبينة والقرائن حيث يوجب القانون الإثبات بالكتابة من غير طلب الخصوم، وذلك تأسيسا على ما قضت به محكمة النقض بأن (طلب الخصم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي يكون غير جائز).
كما أنه لا تقبل شهادة الشهود في إثبات وجود أو انقضاء التصرفات، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك. يقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف بغير ضم الملحقات إلى الأصل.
وهو ما استقر عليه قضاء النقض تطبيقا لمبدأ تناوله نص المادة 60من قانون الإثبات – قبل تعديل النصاب إلي خمسمائة جنيه بموجب القانون رقم 18لسنة 1999- جري على أنه عدم جواز إثبات التصرفات القانونية المدنية إلا بالكتابة فيما زادت قيمته على مائة جنيه أو كان غير محدد القيمة أو اثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بالكتابة. وهي تجري على جميع العقود المنشئة للالتزام كالبيع وغيرها من العقود وبالتالي فلا يجوز طلب الإحالة للتحقيق لإثبات التصرفات التي تزيد قيمتها على مائة جنيه طالما أن الخصم الآخر قد تمسك بعدم جواز الإثبات بالبينة”.(نقض مدني– الطعن رقم 2279لسنة 72ق بتاريخ 16/4/2022).
واستثناءا على ما ورد من نص المادة 61من قانون الاثبات يجوز الاثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة….وكانت كل كتابة تصدر من الخصم من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة….أيضا إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي…إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه (المواد 62, 63 من قانون الاثبات).
ولكن هل يجوز الإثبات بالبينة إذا ما فقد السند الكتابي ؟
وفقا للنص يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بدليل كتابى إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبى لا يد له فيه، مما مقتضاه أن من يدعى أنه حصل على سند مكتوب ثم فقده بسبب أجنبي يجوز له أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات لأنه إنما يثبت واقعة مادية فإذا ما أثبت سبق وجود السند كان لمن فقده أن يثبت الحق الذي يدعيه.
هذا بشأن ما يتعلق بالاثبات في المسائل المدنية, أما عن الاثبات في المسائل التجارية, فإنه يجوز الاثبات بكافة الطرق أيا كانت قيمة التصرف المطلوب إثباته.
تحياتي د/ محمد عويان المحامي. 01004820476

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى