مقالات

الزهرة العناق تكتب/ السراب

 

أصعب أنواع البشر هم أولئك الذين لا تستطيع أن تطمئن إليهم أو تأتمنهم.

إنهم أشبه بأقنعة متقنة تتلون مع المواقف، تخفي حقيقتهم خلف كلمات منمقة وابتسامات زائفة. تتعامل معهم فتشعر و كأنك تسير في حقل من الألغام، لا تدري متى ينفجر ما يضمرونه في صدورهم. يظهرون لك وجها مشرقا، بينما في أعماقهم ظلام لا حد له، يجيدون التمثيل وكأنهم ولدوا ليكونوا جزءا من مسرحية لا نهاية لفصولها.

مثل هؤلاء تجدهم يقتربون منك بمظهر الوداعة، يتقنون فنون الاستماع، يشاركونك أفراحك و أحزانك، ويقفون إلى جانبك في السراء و الضراء، لكنهم يختفون في لحظات الشدة، يتسللون بعيدا وكأنهم لم يكونوا جزءا من حياتك يوما. هم من يزرعون فيك بذور الثقة، ثم يقتلعونها من جذورها عندما تكون بأمس الحاجة إلى ثمرتها.

لا يمكن لك أن تأتمنهم، لأنهم يبدلون وجوههم كما تبذل الفصول، ولأن مصلحتهم هي المبدأ الوحيد الذي يوجه بوصلتهم. يحومون حولك عندما يكون لديهم ما يريدون، وعندما يأخذون ما جاؤوا لأجله، يتحولون إلى سراب. يستغلون نقاط ضعفك، يحفظون أسرارك لتكون سلاحهم ضدك يوما ما، فلا تصبح أمامهم سوى قصة يرويها أحدهم في غيابك، دون أن يشعر بأي خجل أو تأنيب.

هؤلاء هم الأصعب، لأنهم يتقنون التلون، يجيدون رسم ملامح المودة، حتى تخالهم ملاذا آمنا، لكنهم في الحقيقة عواصف هوجاء تنتظر اللحظة المناسبة لتقتلعك من جذورك.

هم ذاك الهدوء المخادع الذي يسبق العاصفة، و الابتسامة الكاذبة التي تخفي خنجر الخيانة. لذا، فاحذرهم ولا تطل الوقوف أمام مرآتهم، فهي لن تعكس لك سوى سراب من زيف وخداع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى