أطفالكم ليسوا أرقاما.. الكاتبة/ الزهرة العناق

 

في زمن أصبحت فيه الأرقام معيارا للقيمة، تحول التعليم من رحلة اكتشاف و نمو إلى سباق محموم نحو أعلى الدرجات، وكأن الطفولة ما هي إلا معادلة حسابية ينبغي أن توازنها النهايات المثالية.

لكن، هل حقا تختزل قيمة الإنسان في رقم مكتوب على ورقة؟

وهل تنحصر عبقرية الطفل في معايير تحددها امتحانات لا ترى قلبه ولا تحصي شغفه؟

النتائج، بطبيعتها، متغيرة؛ تتأثر بعوامل لا حصر لها، من مزاج الطالب في يوم الاختبار، إلى صعوبة الأسئلة، إلى طبيعة المادة نفسها. لكنها، مهما علت أو انخفضت، لا تعكس جوهر الإنسان، ولا تصف نبوغه الحقيقي. فهناك طفل يرى العالم لوحات مرسومة في خياله، وآخر يحلل الحياة كمعادلات بديعة، و ثالث يبني جسورا من الكلمات في قلب كتاباته، لكن أيا من ذلك لا يقاس في ورقة امتحان.

الأخطر من الركض خلف الأرقام أن ننسى بناء و تكوين إنسان متزن، يعرف كيف ينهض بعد السقوط، و يتعلم كيف يحول الإخفاق إلى زاد للنمو، لا أن يصاب بالهشاشة لمجرد انخفاض معدل دراسي. فكم من طالب نال أعلى الدرجات لكنه فقد الثقة بنفسه، وكم من طفل لم يكن الأذكى أكاديميا، لكنه أصبح أنجح الناس في حياته، لأنه تربى على الإيمان بذاته، لا على رهبة الأرقام.

كفاكم قياسا لأبنائكم بالمعدلات وحدها، فإنها لن تعكس يوما ذكاء القلب، ولن تزن شجاعة الروح. ازرعوا لا فيهم حب المعرفة، لا الخوف من الفشل، و ارفعوا أبصاركم عن الكراسات إلى وجوههم، فهناك، في أعينهم، تجدون الحقيقة التي لا تحصيها الأرقام، لكنها تصنع الفرق في الحياة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى