مقالات

الدكروري يكتب/  شرف حياة النبي وعزتها

 

 

الحمد لله بما أسدى والشكر له ما تنسمت علي الخلائق جدواء، فأي آلاء الله أحق أن تُشكر؟ أجميل أظهره؟ أم قبيح ستره وما أبدى؟ ولم تزل آلاء ربك تتوالى، ما منّ ربك عطائه، وما أكدي وما أكدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إنه حبيب الحق وخير الخلق إنه المصطفي إمام الأنبياء والمرسلين وشفيعنا يوم الدين إنه النبي الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلي الله عليه وسلم، وأن الله عز وجل أقسم بحياته صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى فى سورة الحجر ” لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون” ومعناه أقسم بعمرك وحياتك يا محمد، وقد أقسم الله تبارك وتعالى بأشياء كثيرة من مخلوقاته الدالة على كماله وعظمته ليؤكد المعنى في نفوس المخاطبين.

فأقسم تعالى بالشمس والقمر والسماء وغير ذلك، بينما نجده سبحانه وتعالى لم يقسم بأحد من البشر إلا بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والإقسام بحياة المُقسم يدل على شرف حياته وعزتها عند المُقسم بها، وأن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يقسم بها لما فيها من البركة العامة والخاصة، ولم يثبت هذا لغيره من الأنبياء صلى الله عليه وسلم، ولقائل أن يقول كيف يحلف الله بمخلوقاته وقد نهانا عن ذلك؟ والجواب أننا لابد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد، وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله؟ وإنما الواجب عليه أن يفعل ما يأمره الله به، لأن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه، ولما اعترض إبليس على ربه لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام طرده من رحمته.

وقال القرطبي لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته من حيوان وجماد، وإن لم يُعلم وجه الحكمة في ذلك، وأيضا فإن الله عز وجل ناداه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم بصفته بخلاف غيره من الأنبياء، فقد خاطب الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم، بالنبوة والرسالة ولم يناده باسمه، زيادة في التكريم والتشريف أما سائر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام فخوطبوا بأسمائهم، وقال العز بن عبد السلام رحمه الله، ولا يخفى على أحد أن السيد إذا دعى أحد عبيده بأفضل ما وجد فيهم من الأوصاف العلية والأخلاق السنية، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام لا يشعر بوصف من الأوصاف ولا بخلق من الأخلاق، أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء والأوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم، وهذا معلوم بالعرف أن من دعي بأفضل أوصافه وأخلاقه.

كان ذلك مبالغة في تعظيمه واحترامه، وناده بوصف كان يحبه صلى الله عليه وسلم وصف العبودية في مواضع تدل على التعظيم والتبجيل لأن لفظة العبد تطلق ويراد بها معان كثيرة، منها العبودية العامة، وهي لجميع الناس، برهم وفاجرهم، ومؤمنهم وكافرهم وبرهان هذا هو قوله تعالى فى سورة مريم ” إن كل من فى السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا” وكذلك العبودية الخاصة وهى للمسلمين والمؤمنين بصفة عامة، وهذه خاصة بالمؤمنين، وأمثلة هذا في القرآن كثيرة جدا، وأيضا عبودية خاصة الخاصة كما قال بعض العلماء، أو نقول عبودية خاصة بصفة خاصة، وهذه للأنبياء والمرسلين، وذلك إذا كانت لفظة عبده مضافة إلى ضمير الجلالة، كما هو مصطلح القرآن.

فإنه لم يقع فيه لفظ العبد مضافا إلى ضمير الغيبة الراجع إلى الله تعالى إلا مرادا به النبي صلى الله عليه وسلم والإضافة إضافة تشريف لا إضافة تعريف لأن وصف العبودية لله متحقق لسائر المخلوقات، فلا تفيد في إضافته تعريفا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى