شعر و أدب

في بيت العيلة..1.. قصة قصيرة بقلم: عبير مدين

 

تعرفت بها في المرحلة الإعدادية كانت من احدى القرى التابعة لمدينتي لم تنل امال حظا وافرا من جمال الشكل لكنها كانت تتمتع بجمال روحي وخفة دم وجسد لا ينافسها أحد فيهم، كانت تعيش مع اسرتها في بيت العائلة الكبير حيث يبسط الجد والجدة نفوذهما على الجميع وكانت امال تعيش سعيدة مع عائلتها الكبيرة والحياة مستقرة حتى وصلت للصف الأول الثانوي تبدل حالها وأصبحت كثيرة الشرود ولأني كنت صديقتها المقربة استودعتني سرها فقد اكتشف ابن عمها الأكبر نضوجها الجسدي قبل الجميع وبدأ يتحرش بها في الخفاء بالقول تارة وتارة أخرى باللمسات في البداية شعرت الفتاة الفزع ومع الوقت استسلمت لأول قصة حب تدق باب قلبها لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

بعد عام تخرج ابن عمها من الجامعة وكانت امه تجوب شوارع القرية مثل الطاووس تتباهى بنجاح ابنها وتبحث له عن زوجة تليق به وبوظيفته التي استلمها كمدرس بالمدرسة الابتدائية بالقرية، وخلال رحلة بحثها لاحظت تعلق ابنة عمه به فعمدت الى طعنها بنصل كلامها المسموم واتهمتها انها تحاول ان توقع ابنها في شباكها وان نجوم السماء أقرب لها مما تفكر فيه! صدمت الفتاة حاولت ان تفهم زوجة عمها ان ابن عمها هو من بدأ ونصب لها شراك الحب حتى وقعت فيه لكن زوجة عمها كذبتها وهددتها بأن تفضحها في العائلة إذا لم تبتعد عن ابنها، بعد أيام من كسر قلبها كان ابن عمها في الفراش مع أجمل بنات القرية واكثرهن حسبا ونسبا ينعم بالحب في الوقت الذي كانت تغرق فيه هي في دموعها، حاولت تناسي الامر رغم حرقتها كلما راته بمفرده او برفقة زوجته فأين الهروب وهو يسكن معهم في احدى غرف البيت؟! بذلت مجهودا كبيرا للتركيز في دراستها فقد أصبحنا في الثانوية العامة وهي تحلم بدخول الجامعة تريد جامعة بعيدا ولو في الصعيد لتهرب من ذكرياتها ومرة أخرى أتت الرياح بما لا تشتهي السفن نجحت في الثانوية العامة ورفض والدها اغترابها لضيق ذات اليد ودخلت احدى الكليات القريبة وتجدد تحرش ابن عمها بها بعد ان انشغلت زوجته بمولودهما الأول، هذه المرة لم تشعر بالحب كانت تشعر بالاشمئزاز وقررت استخدام التكنولوجيا المتاحة وقتها فقامت بتسجيل شريط كاسيت له بواسطة مسجل صغير اشترته لتسجيل المحاضرات وهو يتحرش بها منتهزا أي فرصة يخلو فيها البيت من ساكنيه، طلبت مقابلتي واعطتني الشريط وطلبت مني نسخه عدة نسخ احتفظ بأحدها معي خشية ان يسرقوا منها فهي تريد حماية نفسها منه بأي طريقة سوف تهدده بواسطة هذا التسجيل فإن اصر على تصرفاته سوف تفضحه في العائلة، لم يصدق ما سمعه وشك انها ستنفذ تهديدها الذي من شانه تدمير العائلة بأكملها والوقيعة بين والدها و شقيقه الكبير اصابتها الحيرة وساءت حالتها النفسية واستمر هو بالضغط عليها ليقيم معها علاقة غير شرعية لكن يشاء القدر ان تعود امه على حين غفلة من فرح احد أقاربهم وكانت امال في حجرتها فريسة الحمى سمعته امه وهو يحاول افتراس ضحيته الهزيلة ويكتم أنفاسها حتى لا تصرخ فأسرعت بإنقاذها من بين مخالبه وفر هو محتميا بزوجته وابنه الصغير! ثم وجدت امه ان الحكمة تقتضي ابعاد الفتاه عن طريق ابنها اليوم جاءت في الوقت المناسب من يدري ماذا يحدث غدا؟! زواجها هو الحل تتزوج وتغادر لبيت زوجها لكن كيف ولم يتقدم أحد لطلب يدها؟! فكان الحل والجميل الذي طوقت به عنق سلفتها وأخو زوجها ان اقنعت زوجها ووالديه بفكرة زواج امال من ابنها الصغير حتى يعمل ابنها الكبير حساب لشقيقه الصغير ويراعي حرمة بيته! صحيح العريس يصغرها بعدة أشهر وبالكاد حصل على مؤهل متوسط ولديه إعاقة بإحدى ساقيه لكنه بالنسبة لها فرصة تنقذها من شبح العنوسة! وبضغط من الجميع تزوجت ولا تدري أي ذنب اذنبت لتتزوج شخص لا تحبه بل كانت تعامله كشقيقها الاصغر ولا يدري زوجها حتى مات في حادث سير بعد سنوات قليلة لم تزوجها!.

القصة ليست من نسج خيالي لكنها حدثت بالفعل واحدة ضمن حكايات كثيرة تدور خلف ستار بيت العيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى