مقالات

الأسباب المؤدية إلى الرزق .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، وكتب له رزقه وأجله وزوجه ومصيره، شقيّ هو أم سعيد، لكنه في الوقت ذاته أمر الإنسان بأن يمشي في الأرض، ويبذل الأسباب المؤدية إلى الرزق، وقد رويت قصص عن الرزق كثيرة جاء فيها العديد من الدروس التي يجب على الإنسان أن يمعن فيها ليدرك قدرة الله تعالى، ورحمته بعباده، وكان هذا دأب الأنبياء عليهم السلام، فكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يذهب مع عمه أبي طالب إلى التجارة، كما كان يرعى الأغنام لأهل مكة، وكل ذلك طلبا لرزق الله تعالى وهو خير البرية، وخاتم الأنبياء والمرسلين ومما روي من قصص عن الرزق في سيرة السلف الصالح. 

أن رجلا كان في سفر وأحس بالعطش، فبدأ يبحث عن مصدر للماء، وإذ به يجد بئرا، فنزل في البئر وشرب حتى ارتوى، ثم صعد إلى أعلى البئر وهم بالمغادرة، وبدأ بالإبتعاد عن البئر، وإذ به يصادف كلب يبدو عليه أثر التعب والعطش الشديد، فحاول الرجل أن يجد وسيلة يتمكن من خلالها من سقاية الكلب، وبحث في المنطقة المحيطة بالبئر عما يملأ به الماء كي يشرب الكلب لكنه لم يجب شيئا، فقرر أن ينزل في البئر ويملأ خفه بالماء حتى يسقى الكلب اللاهث من العطش، وصعد إلى أعلى البئر وسقاه من خفه، فنال بذلك رضا الله سبحانه وتعالى، وقيل أن هناك شاب كانت كل أسباب الدنيا والحياة بعيدة عنه وتبتعد عنه بالميل والذراع، وكان هذا الشاب يعيش في ضنك شديد جدا وحالته صعبة إلى حد بعيد وإلى أقصى درجة. 

وكان من إبتلاء الله تعالي له أن يرى أمامه أن بعض الوظائف تتيسر أمامه وظائف كثيرة وفيها مال كثير ولكن هذه الوظائف إذا قيست بميزان الشرع فإنها وظائف محرمة غير مقبولة شرعا، فكان كلما جاءت وظيفة أمامه ذهب إلى أحد الشيوخ ليسأله عن حكم الله تعالى في هذه الوظيفة، والشيخ ينظر إلى حاله الشديد وحالته المتعسرة ويشفق عليه إشفاقا كبيرا ولكنه في نهاية الأمر يضع الأمر بميزان الشرع فيرى أن العمل محرم ولا يجوز بحال من الأحوال، فيفتي الشاب بعدم جواز هذا العمل، فيذهب الشاب ويعود إلى الشيخ مرة أخرى بعد عدة أيام بوظيفة جديدة ويستفتيه فيها فيفتيه الشيخ بأن هذا العمل أيضا غير موافق للشرع، والشيخ يشفق على هذا الشاب إشفاقا كبيرا، وفي المرة الثالثة أيضا يفعل ذلك.

والشيخ يقول له إن العمل لا يجوز، ويظل الشيخ يشفق على هذا الشاب وعلى مدى صدقه مع الله لدرجة أنه كل مرة يستفتيه والشيخ يرد عليه بعدم الجواز فيمتثل الشاب ولا يعمل في هذه الوظيفة مع علمه بحاجته الشديدة إلى العمل، فهو لم يتزوج بعد ويريد المال ليعف نفسه، فكان هذا الشاب على درجة كبيرة جدا من الصبر على هذا البلاء رغم شدته وفقره وهوان حاله ورقة أمره، وتمر الأيام يوما بعد آخر والشاب في ضيق شديد والأبواب في وجهه مغلقة حتى في يوم من الأيام يفتح الله تعالي له بابا من الرزق الحلال الطاهر الذي لا تشوبه شائبة، وكان لا يظن أن يأتيه العمل من هذا الباب أبدا ولكن الله عز وجل يسر له الأمور نظير صدقه وإخلاصه وطلبه للحلال، فهذا الشاب لم يستعجل الحرام أبدا فجازاه الله تعالى بالرزق الوفير الحلال.

ثم انتقل الشاب إلى المدينة وخطب فتاة متدينة وتزوجها، وفتح الله تعالي عليه من أبواب رزقه الشيء الكثير ورزقه بالولد الكثير، وعاد إلى بلده ومسقط رأسه فاشترى به قصرا كبيرا، وكان هذا من توفيق الله تعالى له نظير ما اجتهد في حياته وأنه ظل يأبى أن يعمل حتى يوفقه الله للعمل الحلال الطيب، فهذا الشاب الفقير الذي أدبرت عنه الدنيا فلم يستعجل الحرام، فهذا الشاب يجب أن يكون نموذج يحتذيه كل الشباب ألا يستعجلوا الحرام إذا ضاق عليهم الحلال، فليطرقوا أبواب الحلال طرقا وليبتعدوا عن الحرام، وسيأتي الله تعالى بالرزق لا محالة، فالله تعالى هو الذي تكفل بالأرزاق وهو الذي يقدر لكل إنسان نصيبه من الدنيا ومن الآخر، فلا يتعمد الإنسان أن يستخرج ما له من حرام وهو يستطيع أن يستخرجه من حلال. 

فالله تعالى لا يضيق على عباده إلا لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وعلى الإنسان أن يصبر لحكم ربه ولا ييأس، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، فعلى الإنسان أن يشتد في السعي والعمل والإجتهاد والكد، والله عز وجل ييسر له طرق الحلال والرزق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى